الصفحات

الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

أنواع الذكاء المتعدد

(*) :في أوائل الثمانينات من القرن الماضي قام (Howard Gardner) بإعادة النظر جذريا فيما يتعلق بالذكاء وآثاره على التعلم والتعليم ، وقدم نظرية جديدة تقوم على أساس تميز الفرد عن غيره ، وأن كل إنسان يتميز بذكاء خاص به وحده ، وأطلق على هذه النظرية " الذكاءات المتعددة " Multiple Intelligences ، وكان لهذه النظرية الأثر الأكبر على عملية التعلم والتعليم حيث غيرت مفاهيم كثيرة كانت تعتبر من المسلمات في التراث السيكولوجي .
شملت نظرية (Gardner) أنواع الذكاءات التالية :
1 ـ الذكاء اللغوي : وهو يتعلق باللغة المكتوبة والمحكية .
2 ـ الذكاء المنطقي – الرياضي: وهو يتعلق بالأرقام والمنطق.
3 ـ الذكاء المكاني : وهو يتعلق بالصور والخيالات.
4 ـ الذكاء الجسدي – الحركي : وهو يتعلق بحركة وإحساس الجسم واليدين.
5 ـ الذكاء الموسيقي : وهو يتعلق بالأنغام والألحان والآلات الموسيقية .
6 ـ الذكاء الاجتماعي : وهو يتعلق بالعلاقات مع الآخرين .
7 ـ الذكاء الشخصي : وهو يتعلق بوعي الإنسان بذاته .
8 ـ الذكاء الطبيعي : وهو يتعلق بالطبيعة بما فيها من تنوعات واختلافات.
وفيما يلي توضيح لمفهوم تلك الذكاءات ، والنشاطات المتعلقة بكل ذكاء ، وسمات الأشخاص الذين يتمتعون بتلك الذكاءات ، كذلك علاقة كل ذكاء بتدريس الرياضيات. كما ورد في دراسات : ( ليانا جابر ، 2000 ؛ أحمد هيبي ، 2005 ؛ Gardner,1983 ؛ Armstrong , 1994 ؛Lazear, 1992 )
أولا - الذكاء اللغوي intelligence Linguistic
ويعني القدرة على التعبير اللغوي واستعمال الكلمات. وهذه القدرة يمتلكها بعض الأفراد أكثر من غيرهم ، فالخطباء المفوّهون ورؤساء القوم يمتلكون هذا النوع من الذكاء ويطورونه بالمران ، وربما استغلوه في الوصول إلى عقول الناس ، وفي مسرحية "يوليوس قيصر" لشكسبير يَظهر لنا بوضوح كيف يكسب "بروتوس" الرأي العام لجانبه معتمدا على قوة خطابه. والأمثلة في التاريخ العربي كثيرة ؛ فالحجاج بن يوسف الثقفي ـ وهو معلم أولاد سابق ـ لم يكن يمتاز بحنكته العسكرية أكثر مما يمتاز بقوة بلاغته وتعبيره ـ وخطبته في أهل العراق معروفة. وكتب التراث تمتلئ بالكثير من المَرويات عن أصحاب هذا الذكاء ، ومما يُروى في ذلك أن أحد الأمراء كان يصلي خلف إمام يطيل في القراءة, فنهره الأمير أمام الناس , وقال له : لا تقرأ في الركعة الواحدة إلا بآية واحدة. فصلى بهم المغرب , وبعد أن قرأ الفاتحة قرأ قوله تعالى : ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) , وبعد أن قرأ الفاتحة في الركعة الثانية قرأ قوله تعالى : ( ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا ) , فقال له الأمير يا هذا: طوِّل ما شئت ، واقرأ ما شئت , غير هاتين الآيتين !!
وبفضل الطبيب الفرنسي (Broca) عام 1881 أُكتشِفَت العلاقة الوثيقة بين اللغة والعقل ، ذلك أنه لو أصيبت منطقة في المخ تدعى " منطقة بروكا " بأي ضرر مادي , فان هذا سيؤثر على قدرة الشخص على الكلام ـ على الرغم من أن المصاب يظل يفهم معنى الكلمات التي يستعملها , إلا أنه يصبح عاجزا عن التركيب القواعدي للجملة. ( عبد الستار ابراهيم ، 1985؛ 75) ، وقد لاحظ (Gardner) أن الأطفال الصغار والصم , يطوِّرون لغتهم الخاصة بهم , عندما لا يملكون خياراً آخر للغة عامة يستعملونها. والقدرة على فهم اللغة وبنائها قد تختلف من شخص إلى آخر, ولكن اللغة كسمة معرفية هي ظاهرة عالمية.
وبشكل عام يتعلق هذا النوع من الذكاء بالكلمات واللغة المكتوبة والمحكية ، وفي موضوع الرياضيات فإن هذا النوع من الذكاء يُعنى باستعمال اللغة ، فالأشخاص الذين يتميزون بهذا النوع من الذكاء ، تكون لديهم حساسية عالية لمعاني الكلمات ، ولديهم قدرة على التواصل بفاعلية ، وغالباً ما يرتاحون لاستعمال اللغة بشكلها الشفهي والكتابي ، ولزيادة هذا النوع من الذكاء يجب تشجيع العمل في مجموعات لتشجيع التواصل في الأفكار الرياضية ، وحث الطلاب على التعبير عن إجاباتهم بأشكال لغوية ورمزية . والجدير بالذكر إن مبادئ ومعايير الرياضيات التي أقرتها منظمة NCTM ) ) National Council of Teachers of Mathematics ( المجلس الوطني لمدرسي الرياضيات ) عام 1989 تقر بأن العرض، والنقاش ، والقراءة ، والكتابة ، والاستماع إلى الرياضيات ؛ هي أجزاء حيوية ومهمة في تعلم الرياضيات واستعمالها، حيث يحتاج معظم المعلمين إلى أن يقوم طلابهم بالقراءة والاستماع في حصة الرياضيات ، وحديثاً يحاول المعلمون أن يعطوا الطلاب مجالاً أكبر للكلام والتعبير عن خبراتهم . ( NCTM,1999 )
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : رواية القصص ـ مكتبة المدرسة ـ المرح والنكت ـ الأسئلة ـ المهام التقويمية ـ المحاضرات ـ الشرح المكتوب أو الشفهي ـ قراءة مسائل لفظية ـ كتابة قصص رياضية ـ السماع للشرح ـ التحدث عن الاستراتيجيات المختلفة للحل ـ الكتاب المدرسي ـ الأشرطة السمعية ـ أوراق عمل ... الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
يميل إلى الاستماع للحديث ـ يحب التحدث ـ يحب الكتابة ( يكتب مذكرات مثلاً ) يبحث عن معنى المفردات الجديدة باستخدام المعجم والقاموس ـ يستطيع عرض كتاب قرأه بالتحدث عنه أو مناقشة ما ورد فيه ـ يحب المطالعة ـ يقرأ الشعر ـ يتحدث بالفصحى ـ لا يجد صعوبة في تعلم لغة أخرى غير لغته.
ثانيا - الذكاء المنطقي الرياضي Logical-mathematical intelligence
والنوع الثاني هو الذكاء المنطقي الرياضي ، وهو أكثر ما نقر به جميعا على أنه ذكاء ، أنه النموذج الأصلي للذكاء " archetype" ، وهو ما يُمكِّن الأشخاص من التفكير الصحيح ، باستعمال أدوات التفكير المعروفة , كالاستنتاج والتعميم ، وغيرها من العمليات المنطقية . وهذه القدرة الرياضية لا تحتاج إلى التعبير اللفظي عادة , ذلك أن المرء يستطيع أن يعالج مسألة رياضية ما في عقله دون التعبير عن ذلك لغويا ، ثم أن الأشخاص الذين يمتلكون قدرة رياضية عالية , يستطيعون معالجة معظم المسائل التي يعتمد حلها على قوة المنطق.
وبشكل عام يتركز هذا النوع من الذكاء في مجالات استخدام التفكير ألاستنتاجي والاستقرائي للأعداد والأنماط المجردة ، ويُدعى هذا النمط أحياناً بالتفكير العلمي .
أما في موضوع الرياضيات ـ بشكل خاص ـ فإن الطالب الذي يكون لديه ميل قوي لهذا النوع من الذكاء يتصف : بحبه لحل المشكلات ـ واستعمال الأنماط والتفسير والتجريد الرمزي . ويمكن أن تصنف الرياضيات في صنفين نظري وتطبيقي ، وهذا النوع من الذكاء يتلاءم مع الجانب النظري من حيث : بناء النظريات وفحصها بالمنطق المجرد ، ويتلاءم مع الجانب التطبيقي من حيث : التشجيع على حل المشكلات في العالم الحقيقي ، ويمكن تشجيع الطلاب على تنمية هذا النوع من الذكاء بإعطائهم الفرصة لممارسة فعاليات ومشاريع ذات معنى لديهم ، والتي تظهر قوة وفاعلية الرياضيات .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : ارتباطات مع مفاهيم سابقة ـ طرق استقصائية متنوعة ـ صياغة أو حل :( مسائل ذهنية صعبة ـ مشكلات ـ ألعاب منطقية ـ ألغاز رياضية ـ معادلات ـ خوارزميات ) ـ تفسير التفكير ـ استخدام الآلة الحاسبة ـ مواد مساعدة• ـ خط الأعداد ـ أشكال فن ... الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
يحب عد الأشياء من حوله ـ يحب تصنيف الأشياء من حوله و الربط بينها بعلاقة ( أقل / أكثر ) أو ( أكبر / أصغر ) أو ( أطول / أقصر ) ـ يهتم بحجم الكواكب و النجوم و بُعْدَها عن الأرض و المسافة بينها و حركتها ـ يحب الأشياء ذات الشكل الطبيعي أو الأشياء ذات الشكل الهندسي ـ يحب الرسم بالقلم فقط أو الرسم باستخدام أداة أخرى ـ يحب الصور الفوتوغرافية والرسم التخطيطي ـ يحب الألعاب والألغاز التي تتطلب استدلالاً منطقياً مثل : إذا كان أ > ب ، أ < جـ فأيهما أكبر أ أم ب أم جـ ؟ يحب قواعد اللغـات ـ يحب التعبير عن العلاقة بين الظواهر بواسطة الخطوط البيانية .
ثالثا - الذكاء الفراغي (الفضائي) Visual-spatial intelligence
وهو القدرة على تصور الأشكال والأشياء في الفراغ ، ونحن نستعين بهذه المهارة كلما رغبنا في صنع تمثال أو استكشاف نجم في الفضاء ، وترتبط هذه القدرة بما يسمى إدراك التواجد في المكان ، وبعض الناس تختلط عليهم الأمكنة ـ عند السفر مثلا ـ ولا يعرفون المكان الذي يتواجدون فيه ، في حين يستطيع آخرون العودة إلى المكان الذي كانوا فيه قبل سنوات , بينما لا يستطيع غيرهم أن يحدد الجهات الأربع حتى في مكان سكنه . وقد دلت الدراسات على ارتباط هذا النوع من الذكاء بمنطقة تقع في النصف الأيمن من المخ ، بحيث لو تضررت هذه المنطقة لسبب ما, لفَقَد الإنسان القدرة على تمييز الأمكنة حتى المعروفة لديه سابقا , أو التعرف على أقرب الأشخاص إليه ، ومن المهم أن نميز بين الذكاء الفراغي وبين ملكة الرؤية بالعين ، وعادة ما يخلط الناس بين الاثنين ، ما داموا يعتمدون في تمييزهم للأجسام وإدراكها على حاسة النظر ، فالأعمى يستطيع أن يدرك الأشياء بأن يتحسسها دون أن يراها ، وهو ما يؤكد استقلال الذكاء الفراغي عن حاسة البصر , وتشكيله جزء من الذكاء البشري عموما.
وبشكل عام يعتمد هذا النوع على الحس البصري والقدرة على التصور، ويتضمن القدرة على توليد صور ذهنية ، والطلاب الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء عادةً ما يدركون العالم المرئي بدقة ، وهم ماهرون في التخيل وتكوين الصور الذهنية بغياب المؤثرات المادية ، ويتصورون الأشياء في أكثر من بعد . وفي الرياضيات فإن الأشخاص الذين يتميزون بهذا النوع من الذكاء لديهم القدرة على فهم عالم المادة بدون جهد كبير، أيضا الطلاب الذين يتمتعون بذكاء فراغي يحبون مادة الرياضيات ، وهي أقل تهديداً لهم عن غيرهم ، وهم غالباً ما يكونون طلابا أفضل . ويمكن تشجيع هذا النوع من الذكاء من خلال نشاطات ومشاريع ونماذج بصرية .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : إرشادات وتلميحات مرئية مثل ( الألوان ، الدوائر، الصناديق ، الأسهم ) ـ التخيل الموجه ـ منظمات بيانية graphic organizers ـ خرائط مفاهيميه ـ تزيين البطاقات (flash cards ) ـ رسم بياني ـ تكوين صور أو تمثيلات أخرى ـ مشاهدة الرسوم التوضيحية ـ الحاسب الآلي ـ الرسوم البيانية ـ الخرائط ـ بطاقات اللعب ـ الوسائل المعينة مثل ( الدومينو ، لوحات النشرات ، جهاز العرض فوق الرأس ... الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية
يحب الكتب ذات الصور الكثيرة ـ يحب الرسم ـ الألوان تلفت انتباهه ـ يُمَيِّز الأشكال بسرعة و بدقة ـ يُنْشِئ تشكيلات مختلفة بترتيب الأشكال والألوان ـ يصف الواقع مع إضافات من خياله ـ يُحَدِّد مكانه بسهولة في مكان جديد ( أي يستخدم الاتجاهات الأربعة).
رابعا - الذكاء الجسدي Bodily – kinesthetic intelligence
وهو ما يسميه (Gardner) بالذكاء الجسدي ـ الحركي ، هو أكثر أنواع الذكاء السبعة المختلف حولها ، إنه القدرة على التحكم بنشاط الجسم وحركاته بشكل بديع ، وهو مهارة لا شك يمتلكها الرياضيون والراقصون وعارضي الأزياء ، وغيرهم من المتأنقين بأجسامهم والمعتزين بها ، ولكل فرد نصيب من هذه المهارة ، والشخص السليم يمتلك القدرة على التحكم بجسمه وبرشاقته وتوازنه وتناسقه ، والتمرين المتواصل قد يزيد من هذه القدرات جميعا ، ولكن منها ما يظهر عند بعض الأفراد , حتى قبل أن يبدأ التمرين ( كلاعبي كرة القدم المتفوقون مثلا ) ، كما تظهر براعة بعض الأفراد في الحساب قبل أن يتعلموا الحساب ، كما أن علاقة هذه المهارة بالمخ واضحة أيضا ، وبما أن كل نصف من المخ يسيطر على حركات نصف الجسم المقابل له , فإذا أصاب ضررا أحد نصفي المخ فقد يؤدي ذلك إلى عجز تام للمرء عن القيام بحركات إرادية في النصف المقابل له . والإقرار بهذه المهارة كنوع من الذكاء يضطرنا إلى الإقرار بان لاعب كرة القدم الجيد هو شخص ذكي ؛ كذلك الراقصة التي تُعجب الجمهور !! امرأة ذكية !؟ وهو ما يعارضه بعض العلماء المخالفين لـ (Gardner) . ويتعلق الذكاء الجسمي أيضا بحركة الجسد ومدى التحكم بالجسم ، كذلك توظيف أقسام الدماغ المسئولة عن الحركة ـ فالطلاب الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء ، يستعملون أجسامهم بكثرة ، وبطرق مختلفة للتعبير عن آرائهم ، فمن الممكن أن يستعملوا أصابعهم في تتبع الحقائق المكتوبة ، أو الإشارة لها ، وغير ذلك من الحركات الجسدية لتمثيل حقائق مختلفة .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : وسائل مُعِينة ـ نماذج ـ أطفال فرادى أو جماعات ـ حركات متسلسلة ـ استكشاف نماذج حسية ـ استخدام الدراما والمسرح المدرسي ـ التصفيق ـ الرقص التعليمي ـ الوثب ـ استخدام مواد محسوسة ـ إيماءات ـ تمثيل مَرَحي للمواقف ـ أمثلة عملية ـ نماذج مادية ... الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
يحب الخروج من المنزل إلى الطبيعـة ـ يجلس طويلاً ـ يمارس الرياضـة ـ يتعلم الحركات الرياضية بسهولة ( مثل التمارين السويدية) ـ يحب التعلم باستخدام وسيلة
ـ يتحرك عندما يفكر أو يتحرك حتى يفكر ـ يتعلم بالنظر إلى الأشياء ويحتاج إلى لمس الأشياء ـ ينام أكثر من 8 ساعات في اليوم ـ لا يمنعه المطر أو البرد أو حرارة الجو من الخروج من المنزل ـ يتقن قيادة الدراجة العادية ـ يرغب بتعلم قيادة السيارة .
خامسا - الذكاء الإيقاعي الموسيقي intelligence Musical
بعض الناس موسيقيين أكثر من غيرهم ، وحب الموسيقى والإحساس بالإيقاع والتفاعل معه يظهر عند هؤلاء "الموسيقيين" , سواء تعلموا الموسيقى أو لم يتعلموها ، والمران قد يطور القدرة الموسيقية ؛ ولكنه لا يوجدها من فراغ ، وكان "موتسارت" ـ مثلا ـ يعزف الموسيقى ويؤلف الألحان وهو لا يزال طفلا صغيرا ، بينما يبدو بعض الناس غير موسيقيين البتة ، دون أن يؤثر ذلك على مجرى حياتهم الطبيعية. وكما في باقي أنواع الذكاء فان المهارة الموسيقية ترتبط بمناطق محددة في المخ ( الفص الصدغي الأيمن ) وعلى الرغم من أن المهارة الموسيقية تبدو بعيدة الشبه بالمهارة الحسابية مثلا , إلا أنها تملك الاستقلال الذي جعلها جزءا منفصلا من الذكاء الإنساني ، وتتعلق بإدراك الأنماط اللحنية ، الأصوات ، القافية .. الخ ، وأولئك الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء يستمتعون بالموسيقى ، ومن الممكن أن يصبحوا مغنيين أو ذوي علاقة بالغناء ، وفي الوقت الذي لا نستطيع أن نشجع على تطوير هذا النوع من الذكاء في صف الرياضيات ، نستطيع أن نقدم فعاليات توازي اهتمامات الطلاب في هذا المجال •
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : نشاطات لها قافية ـ خلفية موسيقية ـ تأليف أو أداء أغنية خاصة بالدرس ـ أغاني ـ ترنيمات ـ استخدام نوتات موسيقية ـ تكوين أنماط ذات قافية ـ أجهزة تسجيل صوتي ـ اسطوانات CD... الخ.
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
يتقن العزف على آلة موسيقية ـ يحفظ كلمات الكثير من الأغنيات ـ له صوت جميل ـ مستمع جيد للموسيقى ـ يكتشف الإيقاع و يقلّده .
سادسا - الذكاء الاجتماعي( بين شخصي ) Interpersonal intelligence
وهو القدرة التي يمتلكها الفرد في التواصل مع الآخرين ، فالسياسيون ممن يحظون بشعبية واسعة , والأشخاص الذين يتميزون بجاذبية خاصة (الصفة الكاريزمية) من القياديين , يمتلكون هذه القدرة ، وعلى الرغم من أن الناس يستطيعون الحياة فرادى , إلا أن الإنسان هو حيوان اجتماعي بطبعه ، لا يستسيغ الحياة معزولا عن أبناء جنسه ، والحياة مع الناس والتواصل معهم ليس حاجة اقتصادية فقط أو تعاونية ؛ بل هي حاجة نفسية وجسدية أيضا . وقد توصل بعض العلماء إلى أن إصابة في مقدمة الرأس ( الفصوص الجبهية ) حيث يقع جزء المخ الذي يتحكم بها ـ تؤدي إلى الإضرار بهذه المهارة. ويقول (Gardner): " أن الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الناس هو : القدرة على فهم الآخرين ، وما الذي يحركهم ؟ وكيف يمارسون عملهم ؟ وكيف نتعاون معهم ؟ أما فيما يتعلق بذكاء الشخصية الاجتماعية وتميزها، فقد حدد (Gardner) أربع مواصفات: هي القيادة ـ القدرة على تنمية العلاقات والمحافظة على الأصدقاء ـ القدرة على حل الصراعات ـ المهارة في العلاقات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين . (Christison, 1999 ) ، وأهم ما يميز أصحاب هذا النوع من الذكاء إبداء الحساسية تجاه الآخرين والعالم المحيط ، والقدرة على التمييز بين مزاجات الناس ونواياهم ودوافعهم واتخاذ قرارات ذات صلة بتلك المعرفة .
والملاحظ في صف الرياضيات العادي التقليدي أنه يكون غالباً تنافسياً أكثر منه تعاونياً، ولكن لتنمية هذا النوع من الذكاء نستطيع التحكم بالفعاليات المقترحة في الصف ، بحيث تستلزم العمل الجماعي التعاوني لتحقيق أهداف معينة ، بحيث تجمع بين هدف إكساب الطالب مفاهيم رياضية معينة ، وتنمية هذا النوع من الذكاء .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : مناقشات ـ مسائل ترتكز على الناس people-based problems) ـ تعليم الزميل peer tutoring ـ نشاطات جماعية ـ ضيف شرف ـ العمل التعاوني ـ المحاكاة (simulations) ـ مقابلة الآخرين ـ المشاركة في لعب الأدوار ـ المشاركة في الاستراتيجيات ذات التوجه الاجتماعي ـ تقييم عمل الزميل ـ ألعاب ـ وسائل تعليمية مشتركة ... الخ .

وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
له صفات قيادية ( نجومية ) ـ له أصدقاء كثيرون ومتنوعون و يُكَوِّن صداقات بسرعة ـ لا يحب البقاء منفرداً ـ يُعَلِّم غيره ما يعرفه أو ما يتعلمه ـ له موقف ( يختار اللعبة الرياضية مثلاً( ـ تعاوني ( يساعد في حل مشكلات غيره ) ـ إنجازه ضمن الجماعة أفضل من إنجازه بمفرده ـ يهتم بمشاعر الآخرين .
سابعا - الذكاء الشخصي( الذاتي ) intelligence Intrapersonal
وهو أن يعي الإنسان نفسه والعالم الذي يعيش فيه ، ويدرك العلاقات التي تربط الأمور والظواهر المحيطة به ـ مهما بدت بعيدة أو منفصلة الواحدة عن الأخرى. ووعي المرء لنفسه يعني أن يتعمق في نوعية مشاعره , وماهية وجوده ـ وهو وعي يقود عاجلا أم آجلا إلى الاعتزاز بالنفس وتقديرها , والى قوة الشخصية التي تميز الأنبياء والمفكرين والمصلحين الاجتماعيين . أما ضعف هذا النوع من الذكاء , فيؤدي إلى ضعف وعي الشخص بذاته ، وانقطاعه عن المحيط الذي يعيش فيه ـ كما يحدث للأطفـال ألفاقدي الصلة بمن حولهم ـ وكثيرا ما يتضح هذا النوع من الذكاء بالنسبة لبعض الأشخاص في صيغ مناسبة وملموسة ، كالكتابة مثلا أو الرسم ، فنرى تفجر الشخصية التي بدت لنا على السطح شخصية شبه راكدة ، أو حين يعبر عنه بصيغ غير ملموسة كالفرح والغضب ، ويتعلق هذا النوع بالتأمل الذاتي ومراقبة الذات ، والإدراك ، وفهم وإدراك شعور الفرد لنفسه هو جوهر هذا الذكاء ، ويمكن تنمية هذا النوع من الذكاء بتشجيع الطلاب على شرح تفسيراتهم وتعليلهم للحل بما يجعلهم متأملين ذاتيين . والملاحظ أن النموذج التقليدي المتبع في الرياضيات (مراجعة ـ تدريس ـ تدريب ) من شأنه أن يقلل التفسير الرياضي ؛ كما أنه يلعب دوراً سلبياً في تنمية الذكاء الذاتي ، ويجب في كثير من الأحيان تشجيع الطلاب على العمل التعاوني ، ولكن يجب ألا نتجاهل حقيقة أن بعض الطلاب يفضلون العمل وحدهم ، كما أن الطالب يحتاج في بعض الأوقات إلى مساحة كافية ووقت مخصص للاستكشاف العميق ، للتأمل ومعالجة المعلومات بصورة وباستراتيجيات ذاتية ، وهذا النوع من الذكاء يجب أن يكون له مضمون واضح في المنهج الدراسي ، بحيث يصمم بطريقة تشجع على التوجه فوق الذهني metacognitive الأمر الذي يشجع على التجريب الفردي .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : تمكين (empowerment) الطلاب من الكتابة في اليوميات ـ إعطاء وقت للاختيارـ التعبير عن القيم والاتجاهات ـ التأمل في العلاقات مع الطلاب الآخرين ـ إجراء تقييم ذاتي ـ مواد فحص ذاتي ـ المذكرات أو اليوميات ...الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
له هدف محدد يسعى لتحقيقه ـ مستقل في تفكيره ـ يعرف نقاط ضعفه وقوته ـ إرادته قوية ـ له آراء و اهتمامات تميّزه عن غيره ـ يسمع كثيراً ويتحدث قليلاً ـ يتأمل الوجود (الكون ـ الطبيعة ـ المجتمع ـ نفسه ( ـ يسعى لتقديم الحل الشامل للمشكلة ـ يحترم الزمن و يستثمره جيداً ـ يتعامل مع الظواهر وفق قوانينها و قواعدها .
ثامنا - الذكاء الطبيعي Naturalist intelligence
والذكاء الثامن الذي أضيف حديثاً إلى أنواع الذكاءات السابقة هو الذكاء الطبيعي Naturalist Intelligence كما ورد في 1998) Sternberg & Williams, ( ويعنى هذا النوع من الذكاء بالقدرة على تمييز وتصنيف واستعمال معالم من الطبيعة ، ويشمل هذا النوع غالباً المزارعين ، البستانيين ، الجيولوجيين ؛ يضاف إلى ذلك بعض الأطفال الذين يستطيعون التمييز بطريقة جيدة بين بعض أنواع السيارات أو الأحذية أو تسريحات الشعر ـ وهؤلاء يمثلون الأذكياء الطبيعيين في عصرنا الحديث ، والذكاء الطبيعي يعني ـ أيضا ـ قدرة المرء على أن يصنف ويحدد أنماطا في الطبيعة من حيوانات أو نباتات أو جماد ... الخ ، وقديما كان الإنسان يستطيع أن يميز بين ما يمكن أكله وما لا يمكن أكله من الأحياء والجوامد ، أما في العصر الحديث فإن الذكاء الطبيعي يظهر في قدرة المرء على تمييز التغييرات الحادثة في الطبيعة والظواهر البيئية الطارئة .
ويمكن استخدام نشاطات التعلم التالية : عروض ونشاطات خارج الصف – توظيف الطبيعية ـ استخدام الطبيعة ـ أشياء تصنيفية ـ أنماط للمشاهدة ـ أشياء وخامات من الطبيعية ـ نماذج ـ كتب للمشاهدة ـ عدسات مكبرة ... الخ .
وصاحب هذا الذكاء يتمتع بالسمات التالية :
يخرج إلى الطبيعة و يحب التعرف على تصنيفاتها و تكاثرها ونمو ـ يعتني بالنباتات (يزرعها ـ يسقيها ) ، والحيوانات ( يطعمها ـ يحمل بعضها ـ يرعاها ( ـ يجمع و يُصَنِّف : ( الصخور ـ الهياكل ـ القواقع ـ البذورـ الأوراق ( ، يطالع كتب الأحياء ـ يجمع صورة ( نبات ـ حيوان ) .
أنواع أخرى من الذكاء :
والمتتبع لنظرية (Gardner) يجد أنه أبقي الباب مفتوحا على وجود أنواع أخرى من الذكاء ـ غير التي أشار إليها ـ وهو نفسه قال أن هناك حوالي عشرين مدخلا كالتي سجلها ويمكن من خلالها التعرف على بعض أنواع الذكاءات الأخرى (Gardner,1993: xxiii-xxvii; Gardner, 1999b: 79-114). ولذلك فقد اجتهد آخرون غيره , في إيجاد وتسمية أنواع أخرى من الذكاءات ، ومن هذا الأنواع ما أضيف مؤخرا إلى القائمة كالذكاء العاطفي emotional intelligence)) وهو حسب قول (Daniel Golman) أن تكون قادرا على حث نفسك باستمرار على مواجهة الإحباطات والتحكم في النزوات ، وتأجيل إحساسك بإشباع النفس وإرضائها، والقدرة على تنظيم حالتك النفسية ، ومنع الأسى أو الألم من شل قدرتك على التفكير، وأن تكون قادرا على التعاطف والشعور بالأمل" ، ويذكر (جابر عبد الحميد ، 2003؛23:22) ذكاءات أخرى اقترحها (Gardner) ، ولا تزال أمام البحث منها : الروحيSpirituality ، الحساسية الخلقية Moral sensibility ، الجنسية Sexuality ، الدعابة Humor ، الحدس Intuition ، الإبداع Creativity ، القدرة على الطهي Cooking ability ، الإدراك الشمي Sense of smell ، القدرة على التأليف بين الذكاءات الأخرى an ability to synthesize the other intelligences .

هناك تعليقان (2):

  1. رائع جدا
    تلخيص متميز استفدت منه كثيرا
    ووضعت عليه في المتصفح نجمه
    سوف أقرأه مرات ومرات
    شكرا لك

    ردحذف