الثلاثاء، 4 مايو 2010

قرآءة نفسية اجتماعية لبعض أشكال الاتجار بالأطفال

قرآءة نفسية اجتماعية لبعض أشكال الاتجار بالأطفال ( أطفال بلا مـأوى)
ورقة عمل مقدمة في مؤتمر يناقش " الخدمة الاجتماعية والاتجار بالبشر " ، المؤتمر العلمي السنوي الحادي والعشرين ، لكلية الخدمة الاجتماعية ـ جامعة الفيوم ، 6:5 مايو 2010 م .
إعداد :
1 ـ أ . د/ ايمان محمد صبري ، أستاذ ورئيس قسم علم النفس ـ كلية الآداب ـ جامعة الفيوم.
2 ـ د / الحملاوي صالح عبد المعتمد ، مدرس علم النفس ـ كلية الآداب ـ جامعة الفيوم. .
في ورقة العمل تلك، تم إلقاء الضوء على ظاهرة : الأطفال الذين بلا مـأوى : قرآءة نفسية اجتماعية لبعض مظاهر الإتجار بالأطفال ، وذلك من خلال رصد تلك الظاهرة ، والتعرف على مظاهرها ، ومن ثم أسبابها ، ثم تلمس طرق العلاج للحد منها ، وأخيرا ذيلت الورقة ببعض التوصيات التى قد تسهم في إنارة الطريق ، للحد من تلك الظاهرة .


وقد تناولت الورقة أولا التعريف بالمشكلة ، ثم تناولت مفهومي الاتجار بالبشر ، ثم اصطلاح ـ أطفال الشوارع ـ أو الأطفال الذين بلا مأوى ، الذي بات معروفاً في أدبيات البحث العلمي ، ويمثل أهم القضايا وأخطرها على الأطلاق ، ثم تناولت الورقة عرضا مفصلا لأهم أشكال الاتجار بالأطفال، والمتمثل في خمسة أشكال:
1. الاستغلال الجنسي . 2. التسول . 3. العمالة الرخيصة .
4. التبني ( كفالة الطفل ) . 5 . الأطفال قطع غيار .
ثم تناولت الورقة مدخل حماية الأطفال من خلال اربعة مستويات كآلية للحل ، ثم ذيلت الورقة بأهم التوصيات ، وفي نهاية الورقة تم ذكر ثبت بالمراجع العربية ، والأجنبية .
مقدمة :
بداية نؤكد أن الاهتمام بالطفل والطفولة أمر بات في غاية الأهمية , ليس لأن الأطفال هم حبات القلوب الحالمون بغد مشرق ، في وطن أصبح في حكم المؤكد ، مصاب بكثير من الأمراض التي استوطنت جسده ، ومن ثم ؛ لا مناص من وضع اليد على موطن الداء ، لكي يتسنى للمجتمع التعافي والنهوض من عثرته ـ وخاصة في مجال الاهتمام بالانسان ـ والذي هو غاية التربية وهدفها ووسيلتها , واذا ما تم الإهتمام بالطفولة ، فإننا نهتم بمستقبل شعب بأسره , فهم حلم الغد ، والأمل في الحاضر والمستقبل.
وبالرغم من الجهود التي تبذل ـ وما تزال ـ في مجال رعاية الطفولة ، إلا أن هناك فئة من الأطفال تعاني من الحرمان والتهميش ، وتعيش ظروفا غاية في الصعوبة ، ويمارسون أشكالا من السلوك تتعدد ما بين : التسول ، السرقة ، الاستغلال الجنسي ، الترويج للممنوعات ، العمالة الرخيصة ، التبني ، قطع غيار الأعضاء ، .... وغيرها ، ويحركهم في ذلك حرمان مادي ومعنوى ، ونظرة متدنية من أفراد المجتمع تجاههم . ألا وهم : الأطفال الذين بلا مأوى ، والذي اتخذ بعضهم التسول حرفة ، أو وسيلة للعيش ، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية ضاغطة ، لا تضمن لهم الحد الأدنى من هامش الحياة ـ الكريمة أو غير الكريمة ـ وفي ظل تنامي ما يعرف بالإتجار بالبشر ، أصبح هؤلاء الأطفال ظاهرة تعبر عن مأساة حضارية يستقبلها القرن 21 , وهي مشكلة تتطلب سياسية متكاملة للحد من تزايدها المستمر , وهي كظاهرة إجتماعية يعبر وجهها الظاهري عن وصمة عار على هامة المجتمع الذي يعيشون فيه , والوجه الآخر يعبر عن مجتمع لا يعبأ ، ولا يبالى ، ولا يهتم (مجتمع مريض) ، فأطفال الشوارع كالقنابل الموقوته يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتدمر المجتمع ، لأنهم أساس العديد من المشكلات الخطيرة : كالإرهاب ، والإدمان ، والسرقة ، والاغتصاب ، والقتل ، والعنف ضد الأفراد والممتلكات العامة .
وفي ورقة العمل تلك، سوف نقوم بقرآءة نفسية اجتماعية لبعض مظاهر الإتجار في الأطفال (أطفال بلا مـأوى)، لنلقي الضوء على تلك المشكلة ، وذلك من خلال رصد تلك الظاهرة ، والتعرف على مظاهرها ، ومن ثم أسبابها ، ثم تلمس طرق العلاج للحد منها ، وأخيرا سنذيل الورقة ببعض التوصيات التى قد تسهم في إنارة الطريق ، للحد من تلك الظاهرة .
التعريف بالمشكلة : ـ
على الرغم من عدم توافر إحصاءات دقيقة حول حجم هذه الظاهرة وعدد ضحاياها ، إلا أن تقارير الأمم المتحدة تصنفها كثالث أكبر تجارة غير مشروعة فى العالم ، بعد تهريب السلاح والاتجار فى المخدرات ، حيث تحقق أرباحاً طائلة تقدر بالمليارات، وتمثل أحد أشكال الجريمة المنظمة عابرة الحدود ، التى اتسع نطاقها ـ بشكل ملحوظ ـ خلال الحقبة الأخيرة ، حيث يتم من خلالها نقل ملايين من البشر عبر الحدود الدولية سنوياً ليتم الاتجار بهم، ولا توجد أى منطقة جغرافية فى العالم بمنأى عن هذه الجريمة‏ ، التى ينظر إليها على أنها مظهر حديث من مظاهر العبودية التى جرمتها العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والأديان.
في حين تشير احصاءات منظمة العمل الدولية ، الي أن ضحايا الاتجار بالبشر عامة وصلوا الي 12 مليون شخص ، استغلوا في العمالة القسرية ، وتعتبر قارة افريقيا من أكثر قارات العالم التي تنتشر بها عمليات اسغلال الاطفال ، فيتم اختطاف و تهريب الأطفال منها إلى عدد من دول أوربا الغربية : كفرنسا ، وإيطاليا ، واليونان . بالإضافة إلى الولايات المتحدة الامريكية ، وعلي سبيل المثال لا الحصر ؛ ووفقا لتقرير منظمة الطفولة والأمومة تتفاوت أسعار بيع الاطفال من بلد لآخر ، فسعر بيع الطفل في بعض دول افريقيا مثل : السودان، والسنغال، وافريقيا الوسطي وإثيوبيا 200 دولار ، أما دول أفريقية الأخري مثل : الجابون، والكونغو، وبنين، والصومال وتشاد، فيباع الطفل بحوالي 30 دولار ، وفي مصر يتراوح سعر بيع الطفل ما بين 1000 إلى 3آلاف دولار .
وفي المقابل يقدر عدد اطفال الشوارع حول العالم بـ" 120 ـ 150 مليون طفل" ، وهم الأطفال الذين يعانون من الحرمان ، ويعيشون في ظروف غاية في الصعوبة , ولا يحيون في ظل نظام أسري يكفل لهم الرعاية والاهتمام , فهناك ملايين من هؤلاء الأطفال يعيشون منعزلين، ويعانون من سوء التغذية منذ ولادتهم ، ويفتقدون العطف والتعليم والمساعدة , أطفال يعيشون على السرقة والعنف, أطفال لا يبتسم لهم أحد، ولا يخفف آلامهم أحد ، أصبح الشارع هو إرثهم من المجتمع الذي يعيشون فيه ، وبالتالي لوثتهم سموم المخدرات والدعارة والجريمة .
ويعتبر تقرير اللجنة المستقلة للقضايا الإنسانية الدولية عن أطفال الشوارع ، أول دراسة استقصائية شاملة عن الأطفال الذين يفتقرون إلى الحماية في شوارع المدن ، وهذه الظاهرة بدأت في البروز بشكل خطير، مصاحبة لظاهرة متسولي العصر الحديث، الذين يتسكعون في المدن بأعداد متنامية ، بحيث أصبح أطفال الشوارع منتشرون على جسد الوطن ، كعرض لمرض استوطن جسده واستشرى ، ولا نأبه له !! وفقا للتقديرات المتحفظة فإن أكثر من ثلاثين مليوناً من الأطفال المتسولين منتشرين في كل أرجاء العالم , يتساءلون : من يعبأ بالأمر ؟ والمسألة أصبحت علة تمتد إلى أعماق المجتمع, ومع الأسف!! لم يكن في الحسبان ظهور هذا العدد الذي لا حصر له من " أطفال الشوارع".
وهذا الاصطلاح ـ أطفال الشوارع ـ أو الأطفال الذين بلا مأوى ، بات معروفاً في أدبيات البحث العلمي ، ويمثل أهم القضايا وأخطرها على الأطلاق ، لتداخل أبعادها الإنسانية، والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية والأمنية، ولتزايدها باطراد واستفحالها في بلدان نامية ومتقدمة على حد سواء، ولذلك؛ فهي مشكلة عالمية تطورت إلى ظاهرة تفرض نفسها وتستقطب اهتمام المعنيين بالتنمية البشرية وحقوق الإنسان.
وبينما حذر تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة، من تراوح أعداد أطفال الشوارع فى مصر بين 2 و3 ملايين طفل ، وخطورة الاستغلال الجنسى لهؤلاء الأطفال ـ خاصة الذكور ـ ويؤيد ذلك بعض الإحصائيات التي تشير إلى تحول نحو 95 % منهم إلى شواذ، وهي نسبة صادمة للضمير الأنساني ، وللقائمين على أمر هذا الوطن ، وفي المقابل ؛ فإن منظمة العمل الدولية ذكرت : " أن مصر من بين الدول التى يقع فيها ضحايا للاسترقاق الجنسى التجارى، ممن يتم نقلهم عبر الحدود إلى دول مختلفة ، وممن يتم الاتجار بهم داخل بلدانهم "، وذكرت أيضا : " إن النساء والفتيات يشكلن نسبة 56 % من مجموع ضحايا العمل القسرى ".
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، من هم أطفال الشوارع ؟ والجواب : ليس هناك اتفاق على مفهوم محدد لأطفال الشوارع ، بل تتعدد وتتباين التعاريف والمفاهيم ، فهناك طفل فى الشارع ، وهناك طفل الشارع ، والطرح العلمى لهذا الموضوح لايزال حديثاً ، ولم تتبلور بعد رؤى نظرية تستهدف التأصيل الفكرى والمنهجى لأطفال الشوارع ، ولذلك فالدراسات السائدة تقف عند الوصف ورصد المظاهر العامة فقط !! وبشكل عام ؛ ترصد غالبية الدراسة الأسباب المؤدية لظهور أطفال الشوارع ، والتي تتمثل في : الفقر، البطالة ، الهجرة من الريف إلى المدن ، العوامل الأسرية والمجتمعية (كتفكك الأسرة بالطلاق ، أو وفاة أحد الوالدين ، أو تعدد الزوجات) ، إضافة إلى ضعف التوجيه والتربية والرقابة ، والخلافات والمشاحنات بين الزوجين ، وانتشار العنف ضد النساء؛ تترك آثارا مؤذية للطفل، وسوء معاملة الأطفال ، وردود الفعل العنيفة من الوالدين على سلوك أطفالهم ( الذي يصل إلى حد التعذيب المحدث إصابات خطيرة )، وهذه القسوة المبالغ فيها تدفع الأطفال إلى الهروب من المنزل، وإلى قضاء أوقات طويلة في الشارع ، بل والمبيت خارج المنزل ، ومن العوامل التي تساعد على بزوغ وانتشار تلك الظاهرة ، التسرب من الدراسة ، وتدني الوعي الثقافي لدى الآباء والأمهات في أهمية المدرسة للأطفال وصنع مستقبلهم.
ووفقا لتعريف منظمة اليونيسف ينقسم أطفال الشوارع إلى : أطفال عاملين في الشوارع طوال ساعات النهار ثم يعودون إلى أسرهم للمبيت، وأطفال تنقطع صلاتهم مع ذويهم ويكون الشارع مصدراً للدخل والبقاء . وهنا يجب التمييز بين فئتين من أطفال الشوارع : ـ
1 ـ أطفال يعيشون بإستمرارية في الشوارع .
2 ـ أطفال يمارسون مهناً هامشية في الشارع ، ولكنهم في الوقت نفسه على اتصال بأسرهم ويقضون جزءاً من اليوم في سكن يجمعهم مع الأسرة .
وتشير بعض الإحصائيات إن الغالبية العظمي من الأطفال المشردين من الذكور ويمثلون نسبة 92,5 % بينما الإناث 7,5 % ، وأن حوالي 92 % من أطفال الشوارع يقومون بإنفاق معظم ما يتكسبون يوميا للترفيه عن أنفسهم عن طريق : دخول السينما ‏ ، أو اللعب في الملاهي‏ ، والجلوس على المقاهي‏ .‏ وفيما يتعلق بالاعتداءات ، تشير بعض الإحصائيات أن‏ 94 % من الأطفال‏(‏ سواء الذكور أوالإناث‏)‏ قد أشاروا إلي تعرضهم لمحاولات اغتصاب من قبل أشخاص أو من قبل أطفال الشوارع الآخرين الأكبر منهم سنا .
وعلى الرغم من أنه لا يوجد تعريف محدد لظاهرة الإتجار فى الأفراد ، إلا أن التعريف المعمول به على نطاق واسع ، هو التعريف الوارد فى المادة الثالثة من بروتوكول الأمم المتحدة ، والمكمل لاتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية لعام 2000 ، والخاص بمنع وقمع والمعاقبة على الإتجار فى الأفراد ـ وخاصة فى النساء والأطفال ـ حيث يقصد بتعبير " الاتجار فى الأفراد " : تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها، أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع ، أو إساءة استعمال السلطة ، أو إساءة استغلال حالة استضعاف ، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال . ويشمل الاستغلال كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسى أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو نزع الأعضاء "
والتعريف السابق ذكره ، يبين أهم مظاهر وأشكال الإتجار بالأطفال ، والتي تتم بهدف استغلالهم دون مراعاة حقوقهم، ويعتبر أكثر صور الاتجار بالأطفال شيوعاً في كل دول العالم، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي :
• خطف الأطفال بغرض بيعهم تحت مسمى التبني .
• الجرائم الصغيرة .
• العمالة القسرية للأطفال (بما في ذلك العمالة المنزلية إذا تضمنت انتهاك حقوق الأطفال ـ السخرة ـ الخدمة قسرا ـ الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق كالاستعباد)
• الاتجار في الأعضاء البشرية ـ نزع الأعضاء البشرية أو التبرع بها ولو بالرضا .
• السياحة الجنسية / استغلال دعارة الغير/سائر أشكال الاستغلال الجنسي .
• استغلال الأطفال في الأعمال الإباحية عبر الإنترنت أو في الدعارة .
• زواج الأطفال أو استغلال مسمى الزواج في إبرام زيجات لفتيات دون السن القانونية، المقترن بتزوير وثائق إثبات السن، بغرض الانتفاع من الزيجات أو تسوية الديون سيما إذا تمت من خلال وساطة سماسرة متخصصين.

وفيما يلى عرضا مفصلا لأهم أشكال الاتجار بالأطفال ، والتي تمثل ظاهرة تشغل بال كافة المنظمات المعنية بحقوق الطفل ، ومنظمات المجتمع المدني ، وتمثل عرضا لبعض الأمراض الخطيرة التي استشرت ، وما تزال فى كافة البلدان النامية أو المتقدمة:
١. الاستغلال الجنسي:
يقصد بالاستغلال الجنسي للأطفال ، استخدام الأطفال في أي عمل من الأشكال الإباحية، التي يتم فيها استخدام الأطفال لإشباع رغبات جنسية لآخرين مقابل ربح مادي ، وذلك عن طريق الممارسة الجنسية، أو البغاء، أو التصوير، أوالاستغلال الجسدي للطفل بإحدى وسائل التطور التكنولوجي كالوسائط المتعددة والإنترنت. وتشيرالإحصائيات أن هذا النوع من التجارة هو من أسرع الأنواع انتشارا وربحاً في العالم ، فلقد تغيرت تجارة جنس الأطفال من الممارسات المباشرة إلى استخدام الصور، والأفلام الإباحية والترويجية، في حين ذكرت بعض الإحصائيات ـ في تجارة الجنس للأطفال ـ إلى أنه يُزج ما يقارب ٢.٥ مليون طفل سنوياً في سوق الجنس ، غالبيتهم من الفتيات( تقرير اليونسيف ).
وذكر التقرير أن هناك رجالاً خليجيين أثرياء يأتون لمصر للزواج من فتيات ممن هم دون سن الـ 18 فيما يعرف بظاهرة «الزواج المؤقت» ، ويتم عادة ترتيبها عن طريق سماسرة للزواج أو عن طريق أهل الفتاة ، كما أورد التقرير أن السياحة الجنسية مع الأطفال فى ازدياد وخاصة بمحافظات القاهرة والإسكندرية والأقصر. واعتبر التقرير مصر بمثابة «دولة ترانزيت» للاتجار بالنساء القادمات من أوزبكستان وأوكرانيا وروسيا ودول شرق أوروبا للانتقال إلى إسرائيل لاستغلالهن جنسياً.
ووجه التقرير توصياته إلى مصر ، بضرورة العمل على زيادة التطبيق الفعلى لقانون مكافحة الاتجار بالبشر ، وخاصة الأطفال الذين يعملون بالمنازل ، أو الذين تتم المتاجرة بهم جنسيا ، ونادى بضرورة سن القوانين لتجريم كافة أشكال الاتجار بالأطفال ، والتى تتخذ عدة أشكال طبقا لتعريف المركز القومى للبحوث الجنائية ، والتي تبدأ بتزويج القاصرات من أثرياء عرب، والدعارة، وبيع الأعضاء، وبيع الأطفال ( الخداع بالتبني)، والإجبار القسرى على العمل، والتسول. وأشار التقرير إلى أن قانون العقوبات المصرى لا يحظر جميع أشكال الاتجار، حيث لا يتضمن قانون العمل تعريفاً للعمل القسرى أو يضم أحكاماً ضده.
ومن المعروف أن تجارة الجنس لها أخطارها الصحية والبدنية على الضحية ، يمكن اجمالها فيما يلى:
• الامراض المعدية مثل نقص المناعة المكتسبة ( إيدز ) والامراض السرية كالسل .
• الامراض غير المعدية مثل : سوء التغذية ، وامراض اللثة ، والأسنان ، والأمراض الجلدية .
• مشاكل الإنجاب والاجهاض القسري أو الاختياري ، والحمل والولادة غير الآمنين ، وتشويه أجهزة التناسل .
• الاضطرابات النفسية والعصبية : كالاكتئاب ، أوالاضطرابات العقلية : كالفصام ، إضافة للتفكير في الانتحار .
• العنف البدني المصاحب للاعتداءات الجنسية .
• تعاطى المواد الضارة: كالكحول ، والمواد المخدرة : كالهيروين .
وغني عن القول ، أن الاستغلال الجنسي يمثل أسوأ أشكال الاتجار بالأطفال ، وأن القوانين وحدها تقف عاجزة للقضاء على تلك المشكلة ، أو الوقاية منها ، وتتعدد الأسباب التي تسهم في بزوغ تلك المشكلة ، والتي تبدأ بقسوة الوالدين علي الأبناء مما يدفعهم إلي الهروب من المنزل والانضمام إلي أصدقاء السوء‏ ، أو كبر حجم الأسرة عن الحد الذي يعجز فيه الآباء عن توجيه أبنائهم وتلبية احتياجاتهم المادية ، وغياب الوازع الديني أو التربية بأساليب خاطئة ، وظهور عوامل انحلال داخل الأسرة كالقدوة السيئة ، أو ترك الطفل لرعايته من قبل أشخاص آخرين كالجيران أو تركه للخادمات يشكلنه كيفما يردن ـ خاصة من النواحي الوجدانية ـ أو يتم استغلال الطفل جسديا من قبلهن ، وتتضافر تلك العوامل مع شعور الطفل أنه مهمل، وأن رغباته وميوله تسجن بداخله منذ صغره ، مما يحول دون تحقيقه لذاته وأنزوائه وانسحابه من المواقف الاجتماعية داخل الأسرة ، مما ينتج عنه مشاعر متمردة للطفل ، تؤدى به إلى الخروج عن قواعد السلوك المتعارف عليه ، كوسيلة للتنفيس أو التعويض عما تعرض له الطفل من والديه أثناء تنشئته ، مما قد ينتج عنه هروبه من المنزل ، ويصبح عضوا مريضا بالمجتمع ، نتج عن أسرة مريضة ، وقد سمى بعض علماء النفس ذلك النموذج من العلاقات الأسرية : بالأسرة المولدة للمرض ، أي تلك الأسرة التي تدفع أبنائها قسرا نحو المرض النفسي أو العقلي ، أو السلوك المشكل ، وبالتالي يتولد عضوا مريضا بالمجتمع لا يجد غير الشارع ملجأ وسكنا .
٢. التسول:
يعدُّ التسول أحد أبرز أنواع الاتجار بالأطفال ـ خاصةً في معظم الدول العربية ـ التي تتميّزمجتمعاتها بطبيعتها العاطفية ، ويكمن وراء التسول أخطار مضاعفة للأطفال، فبالإضافة إلى إيجاد عاهات متعمّدة للأطفال من أجل استعطاف الآخرين، فإنهم معرضون لخطر التعامل المباشر مع الغرباء، واحتمالية تعرّضهم لأنواع أخرى من الاعتداءات : كالاعتداء الجنسي، أ واللفظي ، أوالتحقير والإذلال ، نظراً لتواجدهم المستمر في الشارع ، إضافة إلى خطر الحوادث المرورية ، أو يتم الزج بهم للترويج للممنوعات ، نظراً لسهولة تواري الأطفال، وعدم الشك بهم ، ويتم استخدام الأطفال في توزيع المخدرات والممنوعات والأنشطة غيرالمشروعة، وهذا يعرّضهم لخطر الإدمان عليها.
الأطفال في وضعيات التسول في مصر
تطرح وضعية الأطفال المتسولين في مصر إشكالية التعريف بصورة حادة ، إذ يختلط التسول كعمل استغلالي محض (غير تجاري) مع أشكال التسول المتصلة بجريمة الاتجار بالأطفال، فنجد الفئات التالية من الأطفال تتداخل كلها في "بيئة التسول"، ويطلق عليهم "المتسولون"، بالرغم من وجود كثير من الاختلافات الجوهرية بينهم :
1. أطفال يقوم أفراد من أسرهم باصطحابهم ، أو أخذهم من قبل شخص راشد لاستغلالهم في التسول بصورة يومية ومنتظمة طوال اليوم .
2. بنات في سن الطفولة الصغيرة ، أو في سن المراهقة (فتيات) ، يتسولن في الشوارع ويعملن في الدعارة ـ فالتسول إما مهنة مصاحبة أو هو غطاء للدعارة التي قد تدر للمتاجرين بالطفلة أو الفتاة (أحيانا الوالدين أو أحد أفراد الأسرة) دخلا كبيرا.
3. الأطفال صغار السن (أقل من عام أحيانا) الذين يتم استئجارهم من أسرهم بواسطة أشخاص آخرين لغرض استخدامهم كـ "أدوات مصاحبة ومساعدة" لقيام هؤلاء الأشخاص بالتسول.
4. أطفال معوقون يتم استغلالهم في التسول المنظم ، استدرارا لعطف المحسنين.
5. أطفال يعملون في بيع الأشياء الصغيرة : ( مناديل ؛ زهرة الفل؛ مياه معدنية ، ... الخ) في الشوارع وعلى الأرصفة ، وبعضهم يستغلوا للمتاجرة بالمخدرات؛ أو العمل في الدعارة.
ويشير بعض العاملين بمراكز رعاية المتسولين والمتشردين أن : « معظم حالات تسول الأطفال هي نتيجة زواج فاشل، أو طلاق مبكر ، ليضيع بعد ذلك الولد بين الخالة وزوجة الأب ، أوالعم وزوج الأم» ، وذكرأن هناك بعض الحالات تخلى فيها الوالدان عن ابنهما طوعا أو إهمالا بلا أدنى مبالاة ، فماذا نتوقع من طفل تخلى عنه أقرب الناس إليه ، إلا اللجوء إلى الشارع ، وامتهان التسول المبطن : كبيع المناديل أو مسح زجاج السيارات ، وما إلى ذلك ، لينتقل فيما بعد إلى التسول الفعلي نتيجة إدمانه على الشارع الذي منحه الحرية المطلقة.
ومن الجدير بالذكر ، أن التفكك الأسري لم يكن هو السبب الوحيد لانتشار ظاهرة التسول عند الأطفال، بل إن بعض الأسر الممتهنة للتسول راحت تجبر أولادها عليه، وكانا يمنعان الطفل من المجيء إلى المنزل دون حصوله على المبلغ المطلوب، علما بأن 80% من الأطفال الموقوفين بتهمة التسول هم ليسوا بحاجة إليه ، إنما اعتادوا امتهان التسول بالوراثة ، إضافة إلى وقوع بعض الأطفال ضحية لعصابات التسول التي تعمل على تشغيلهم لمصلحتها، وربما تعمل على تشويههم لاستجلاب الشفقة والإحسان.
واللافت للنظر أن الإدمان عند هؤلاء لا يقتصر على حب التجول في الشوارع فحسب ؛ بل إن عدداً من الأطفال المتسولين مدمنون على استنشاق ( الكلة ) وهي مادة مخدرة ، وحبوب ( الـبالتان) حبوب هلوسة ، إضافة إلى وجود عدد من الحالات التي تعاني من انحرافات جنسية، وهذا الأمر غير مستبعد أمام طفل لم يعرف من الحياة إلا الشارع.
وفي المقابل فأن مراكز ومؤسسات إصلاح المتسولين والمتشردين ، الهادفة إلى تقديم العناية الصحية والمعالجة النفسية والاجتماعية لهذه الفئة من الأطفال ، في كثير من الأحيان لا تتوصل إلى هدفها المراد ، بسبب مدة التوقيف التي لا تتجاوز الشهر ونصف الشهر ، لمن تجاوز عمره الـ18 عاما، ولا تتعدى أياما معدودة بالنسبة للحدث الذي لا يتجاوز عمره عشر سنوات ، والذي يحجز احتياطيا ريثما يأتي ولي أمره لأخذه ، وهذه الفترة القصيرة غير كافية لتأهيل الطفل المتسول نفسياً واجتماعياً، حتى دورات محو الأمية لا يتم القيام بها على النحو المراد ؛ وذلك لأن أي دورة محو أمية تحتاج على الأقل إلى فترة ثلاثة أشهر، من هنا كانت نسبة التجاوب نسبة ضئيلة، علما بأن 50% من المتسولين يعودون للتسول مرة أخرى .
وبالنسبة للإجراءات القانونية فهي غير كافية ، وتختصر فيما يلي: بعد قيام دوريات شرطة السياحة بضبط الأحداث المتسولين، يتم وضعهم في قسم خاص بهم ، وتصنيف بطاقة تعريف لكل حدث ، تتضمن بعض المعلومات الشخصية عنه ، بعدها يحال الحدث إلى إحدى مراكز " الرعاية الاجتماعية " حتى يخلى سبيله من قبل المحكمة ، أما إذا كان عمره لا يتجاوز 18 سنة ، فهو قانونا لا يحاكم ، إلى أن يأتي ولي أمره ليأخذه ، بعد تعهده بألا يتكرر هذا الأمر مرة أخرى ، والحادث فعلاً أن الآباء لا يكترثون بالتعهد المكتوب ، ومن ثم يعودون للدفع بأبنائهم إلى تجارة مربحة دون عناء، وإن حدث وألقي القبض على الطفل مرة أخرى فإنه سيخرج بتعهد جديد بكل بساطة !!!، من جهة أخرى فإن إيداع الحدث في إحدى مراكز الرعاية لا يمثل عقوبة ، وإنما تدبير لإصلاحه وتأهيله.
وبنظرة متأنية لمشكلة التسول ، نجد أن السبب الرئيس الخالق والمدعم لتلك المشكلة يتمثل في: الفقر، فهناك كثير من الأسر غير قادرة على رعاية أبنائها ، وتغطية احتياجاتهم الرئيسية من : مأكل ، ومشرب ، وملبس ، وعلاج ، ... الخ ، مما يدفع بعض الأسر ـ أحيانا ـ بأبنائها إلي ممارسة أعمال التسول ، والتجارة في بعض السلع الهامشية ، وقد أتضح أن معظم الأطفال ( المتسولون ) لم يكملوا تعليمهم لسبب أو لآخر، حيث يصبح وقت الفراغ أطول ، والآفاق المستقبلية أضيق، فينضمون بالتالي إلى قافلة التشرد ، ومن ثم التسول واستدرار عطف المارة ، مع ضعف التوجيه والتربية والرقابة الأسرية ، إضافة إلى تدني الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية .
وتشير ( إيمان محمد صبري , 2000 ) في مجمل تفسير نتائج دراستها ، الخاصة بإساءة معاملة الاطفال المتسولين أن : الأطفال المتسولين يتعرصون لظروف أسرية اجتماعية اقتصادية بالغة السوء ، مما يؤثر في نفسية هؤلاء الاطفال تأثيرا كبيرا ، فنجد أن هؤلاء الاطفال لم يحظوا بتعليم كاف ، مما يدفعهم للعمل الهامشي ، أما امهات هؤلاء الأطفال فمعظمهم جاهلات ، لذلك فهن ربات بيوت ، وأشارت إلى تعدد الأسباب التي تدفع الطفل للتسول : كخوف الطفل من الضرب أو الطرد ، يلى ذلك احساس الطفل بالفقر الشديد والحرمان ، أو رفض الإب الإنفاق على أسرته ؛ مما يشجع الطفل على التسول ، وذكرت أن الأمراض التي تصيب هؤلاء الاطفال تتمثل في : أمراض القلب ، أو الظهر ، أو أمراض صدرية مثل الربو ، أو الأنيميا . ونتيجة للضعف والارهاق وقلة النوم والعمل ليل نهار ، تحدث مجموعة من الظواهر المرضية نفسية المنشأ جسمانية الأعراض : كالتبول اللا إرادي ، وأشارت الى أن تلك الظروف من الأضطرابات النفسية التي يحيا فيها الطفل المتسول ، تؤدي الى شخصية عصابية في أبسط الأحوال ، أو شخصية ذهانية في أسوأ الأحوال .
وتتشير بعض الإحصائيات إلى قيام معظم أطفال الشوارع بانتهاك القانون، حيث كانت أكثر الجنح هي : السرقة بنسبة 56 % ، والتعرض للتشرد بنسبة 16.5%، والتسول بنسبة 13.9% والعنف بنسبة 5.2%، والجنوح بنسبة 2.9% ، 55.% لجرئم أخرى . ولعله من العدل أن نقول دون حذر : أن القائمين على أمر هذا الوطن هم المسؤلون عن تفشي وبزوغ تلك الظاهرة ، وأن تأثيرها كبير وصادم على المجتمع ككل ، لأن هذه الشريحة يفترض أنها تمثل مستقبل هذا الوطن ، وإذا كان الأمر كذلك ، فإن الغد لا يبشر بخير !!!! .
3. العمالة الرخيصة:
في هذا النوع السائد من الاتجار ، يأتي معظم الضحايا من بلدان نامية ، ويجري استدراجهم والاتجار فيهم بالخداع والإكراه ، حيث يجدون أنفسهم محتجزين كالرقيق لأداء أعمال مختلفة ، فالرجال والنساء والأطفال يُجندون للعمل في الزراعة والبناء والخدمة المنزلية، وغير ذلك من الأعمال المجهدة ، حيث تكون بعضها غاية في القسوة ، كالأعمال التي يستخدم الأطفال فيها لقطف بعض النباتات العطرية التي يجب أن يتم القيام بها في الصباح الباكر ،أ والأطفال الذين يتم تشغيلهم في المصانع والبناء وغيرها من المهن التاي لها تبعات غير صحية، تسهم في حدوث أمراض دائمة ، تؤثر على العظام أو الجهاز التنفسي أو الجلد، ولا يوجد لهؤلاء الأطفال عادةً مصدر مالي، وقد يتم إرسال بعض النقود الضئيلة إلى ذويهم، وفي كل الأحوال ، لا يوجد أي تأمين لصحتهم وسلامة نموهم وتغذيتهم وبيئة عيشهم. ومن الملاحظ أن عمالة الأطفال نراها أمام عيوننا ليل نهار ، ومن ثم أصبحت أمرا عاديا ، لا يأبه به القائمون على القانون ـ لأن قانون الطفل يجرم ذلك ـ ولا يأبه به المجتمع ، فحينما يكون محور الحياة هو البحث عن الحد الأدنى للقمة العيش ، فإن كل شيء يصبح مباحا .
4. التبني ( كفالة الطفل ):
ولكفالة الطفل ، وجهان ، الأول : التبني لأجل إعطاء الطفل حياة جيدة ، في ظل أسرة مستقرة تريد أن تكفل طفلا، وهذا بالرغم من مشروعيّته إلا أن الكثير من الحالات تتم بطريقة غير مشروعة ، عن طريق سماسرة ، ودون استكمال الأوراق الرسمية التي تثبت هوية الطفل وأصوله، وتوثّق هوية المتبنين ، وتعمل على دراسة وضعهم إذا كان مناسبا أم لا ؟ فالكثير من العمليات تحدث باسم التبني، ولكن أصلها هو زيادة عدد الأطفال لاستخدامهم في أعمال مختلفة تجلب المال للمتبنِّي.
أمّا الوجه الثاني من التبني فهو الاحتيال على أهل الطفل - خاصة أولئك الذين يعانون من الفقر والعوز ـ وإيهامهم بأن أبناءهم سوف يحظون بحياة أفضل في ظل العائلة الجديدة التي ستتبناهم، ويتم شراء الأطفال من أهلهم، ثم بيعهم إلى عصابات أخرى، تستخدمهم في أي عمل آخر تجلب لهم المال.
5 . الأطفال قطع غيار:
الاتجار في الأطفال من أجل استخدام أعضائهم، ولا سيما الكلى، هو نشاط إجرامي يشهد تنامياً متسارعاً ، ونظراً لطول قوائم انتظار المحتاجين إلى أعضاء في العديد من البلدان ، انتهز المجرمون هذه الفرصة لاستغلال يأس المرضى والواهبين المحتملين، ويُعرِّض الضحايا صحتهم للخطر، بل وحياتهم أيضا، نظراً لأن العمليات قد تجرى في أماكن سرية ولا تليها أية متابعة طبية، ومن المحتمل أن تؤدي شيخوخة السكان وارتفاع عدد الإصابات بداء السكري في كثير من البلدان المتطورة إلى اشتداد الطلب على زرع الأعضاء، فتزداد الأرباح الناجمة عن هذا النوع من الإجرام، ومن هنا يتم بيع الأطفال لاستخدامهم كقطع غيار لبيع أعضائهم، وحتى الأجنة لا تستثنى من ذلك، فهناك عصابات تسهِّل عمليات بيع الأطفال تحت مسميّات مختلفة لاستخدام أعضائهم، حيث يكون الهدف الأول: هو إيصال العضو المعيّن في الطفل سليماً، ولايهم ما يحدث للطفل في أثناء العملية أو بعدها، إذ يتم التخلص من أغلب الأطفال ( دون أدنى إحساس بالذنب ) وهناك عيادات خاصة تقوم بما يلزم
بعد هذا التناول لبعض أشكال الاتجار بالأطفال ، نخلص مما سبق لمدخل لحماية هؤلاء الأطفال ، مسترشدين بما تم انجازه في المجال الخاص بحماية النساء والأطفال، وبالمعايير الدولية ، والتوجيهات البرنامجية القائمة على مدخل حماية حقوق الإنسان :
مدخل حماية الأطفال
يعد المجال الخاص بـ "حماية الأطفال"؛ من المجالات المستحدثة ، التي تستهدف الأوضاع الإيذائية للأطفال (العنف، والاستغلال، والتمييز، والإيذاء والإهمال ، ... وغيرها )، وذلك بهدف حماية الأطفال الضحايا ، وتعافيهم وإعادة دمجهم في مجتمعهم بصورة طبيعية تكفل لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة ، وذلك على أربعة مستويات متداخلة تتمثل في:
1. انتشال الأطفال من الوضعية الاتجارية الإيذائية ، ومن ثم توفير الحماية الأولية والمساعدات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية لهم.
2. إعادة تأهيل الأطفال ، ودمجهم مع الذات والأسرة والمجتمع والانتصاف لهم.
3. الوقاية من مغبة إدراج أطفال آخرين من ذوي القابلية للإيذاء في ذات الوضعية الاتجارية ، ومن إعادة إيذاء الضحايا الحاليين.
4. إنشاء البنيات والآليات اللازمة للتخطيط ، بهدف تفعيل المستويات الثلاثة السابقة ، والعمل على تنفيذها ،لتحقيق الأهداف المنشودة.
ويرتكز مجال حماية الأطفال على العلم والمعرفة، وعلى الممارسات الفضلى، والدروس المستقاة من التجارب السابقة ؛ ويهتدي بالمعايير الدولية ، وبالتوجيهات البرنامجية المعتمدة ، ويعتمد مدخل البرمجة القائمة على حقوق الإنسان ، والذي يعنينا في المستويات السابقة : المستوى الثاني ، الخاص بإعادة دمج الأطفال ضحايا الاتجار في مجتمعاتهم المحلية ، وقد أشار البعض إلى أن الخطوات المتبعة بدمج الأطفال في مجتمعاتهم ، تسير وفق إجراءين اثنين ، أولهما : تحديد المفهوم الإجرائي للدمج ، وثانيهما : تحديد النشاطات المساعدة لعملية الدمج ، فبالنسبة لمفهوم "إعادة الدمج" فهويعني : إعادة ترميم وصياغة العلاقات المتهدمة بين الطفل وذاته ، وبينه وبين أسرته ، وبينه وبين المجتمع المحلي، وبينه ويبن وطنه، وبينه وبين الدولة التي تم الاتجار به إليها وفيها.
أما بالنسبة لأنواع النشاطات التي تساعد على إعادة الدمج ، والمحققة له فهي تشمل التالي:
 دعم أسرة الطفل لتمكينها من حمايته، وحماية إخوته الآخرين ، ورعايتهم.
 تقديم المساعدات التعليمية والنفسية للأطفال العائدين .
 تقديم أنواع الدعم المختلفة للمجتمعات المستقبلة لتسهم في عمليات إعادة الدمج.
 ضمان إنفاذ قرارات العدالة التصالحية المتصلة بالتعويض للأطفال ولأسرهم ولمجتمعهم المحلي.
 المتابعة والتقييم لمبادرات إعادة الدمج .
أهم التوصيات : ـ
بعد هذا العرض السابق لبعض أشكال الاتجار بالأطفال ، وفي نهاية طرحنا هذا ، وفي ضوء ما تقدم يمكننا أن نضع ـ أو نقترح ـ عدة توصيات لتمكين هؤلاء الأطفال من نيل حقوقهم ، وتوفير الحماية الاجتماعية لهم ، وتأمين الضمانات القانونية التي يكفلها لها المجتمع ، ونأمل أن تشارك بعض مؤسسات المجتمع المدني ، وبعض المنظمات المعنية بحقوق الطفل بصورة أكثر فاعلية ، وأن نجد اهتماماً وتفاعلاً مع تلك التوصيات، بحيث توضع على طريق التنفيذ ، وتتمثل أهم تلك التوصيات في:
1. نقطة البداية لمحاصرة ظاهرة الاتجار في البشر في بلادنا هي : رسم الحدود الفعلية للمأساة ، وذلك بالكشف عن خطورة عصابات استغلال الاطفال فى التسول والدعارة ، وعن حجم دعارة القاصرات ، وحجم انشطة الدعارة المحلية والوافدة ، وحجم التجارة في الاعضاء ، وفي الدم البشري .
2. الخطوة الثانية تتمثل في : تنفيذ بروتوكول منع ووقف ومعاقبة الاتجار في البشر ـ خاصة النساء والاطفال ـ والذي يكمل معاهدة الامم المتحدة ضد الجريمة المنظمة العابرة للحدود .
3. وضع سياسات وبرامج شاملة على المستويين المحلي والوطني ، بالتعاون مع الجمعيات الاهلية والمجتمع المدني ، لمنع ومكافحة الاتجار في البشر ولحماية الضحايا .
4. تنفيذ الاجراءات التي من شأنها زيادة مناعة الفئات المستهدفة ـ وخاصة النساء والاطفال ـ بمكافحة الفقر والتخلف وانعدام المساواة في فرص التعليم والعمل .
5. توعية الأسر التى لديها خدم ـ وخاصة أن معظم هؤلاء الخدم من الأطفال ـ بحقوقهم التي يكفلها لهم القانون ، والسعى الى خلق آليات متابعة ، من شأنها حمايتهم ، دون الاعتداء على خصوصية الحياة الأسرية للمخدومين أو ابتزازهم .
6. تبادل المعلومات حول مسالك المتاجرين في البشر، وعن أساليب عملهم ، وعن سجلاتهم الجنائية ، كذا تبادل المعلومات عن الضحايا بين مختلف أجهزة وإدرات الدولة ذات الصلة .
7. حماية خصوصية الضحايا ، ومساعدتهم على العودة الى الحياة الكريمة القويمة .
8. الاعتداد بوجهات نظر الضحايا في مختلف مراحل الملاحقة والمقاضاه ،في حدود ما تسمح به القواعد والقوانين ، وإحاطة الضحايا علما بما يتم اتخاذه من اجراءات .
9. التنسيق مع الدول المستقبلة للهجرة غير النظامية لابقاء ضحايا الاتجار في البشر لفترة من الوقت ، بهدف تضميد الجراح ، ولتأمين عملا مؤقتا للضحية ، يعوضه ماديا عن التجربة المرة التى مر بها .
10. تخصيص موارد مالية لخلق البنية التحتية الضرورية لجمع المعلومات عن مختلف أشكال الاتجار في البشر ، عن طريق هيئة مركزية تابعة للدولة ومزودة بكل ما يمكنها من الرصد والاحصاء وجمع البيانات الكمية والكيفية .
11. قيام عدد من الأطباء والأخصائيين النفسيين ، بعمل برامج للعلاج النفسي للأطفال ، تهدف لمحاولة حثهم على العودة لذويهم ، والعيش داخل نطاق أسرهم .
12. تكثيف الدعايات الخاصة بالتوعية بالحقوق الأساسية للطفل بشكل إبداعي ، والتبصير بالمخاطر الاجتماعية لهذه الظاهرة ، مع تبنِّي وسائل الإعلام موضوع الاتجار بالاطفال والتعريف بمفهومه ، وجوانب الوقاية والتأهيل، مع زيادة الجهود من وسائل الإعلام للحد من إنتشار الطلاق والتفكك الأسري
13. التطرق للموضوع ضمن المناهج الدراسية في الكليات المختلفة، لفهم وإيجاد حلول للمشكلة ـ كل على حسب التخصص ـ والتشجيع على عمل مشاريع التخرج في جميع المراحل بما يختص بدراسة الوضع الحالي للظاهرة وإيجاد حلول لها.
14. إيجاد برامج تهدف لإعادة تأهيل الأطفال ضحايا الاتجار، وإعادة ثقتهم بأنفسهم، وإحساس العزة لديهم مع التركيز على الحاقهم بالتعليم.
15. تحميل البالغين وليس الطفل، مسؤولية ما يقع عليه، وأن يُراعى وضعه النفسي بالحدود القصوى في أي تعامل أو تحقيق.
المراجع العربية : ـ
1 ـ أحمد الشريف ( 2009 ) : أطفال الشوارع ، متاح على http://childhood.gov.sa/vb/archive/index.php?t-3953.html
2 ـ إيمان محمد صبري ( 2000 ) : إساءة معاملة الأطفال ، دراسة استطلاعية عن الأطفال المتسولين ، مجلة علم النفس ، العدد الثالث والخمسون ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب.
3 ـ تحليل مضمون الصحف لملف الاتجار بالبشر ، مكافحة استغلال الاطفال في الاتفاقيات الدولية و القوانين الوطنية ، عن شهور: سبتمبر : ديسمبر 2008 متاح على : www.maat-law.org
4 ـ سرور قاروني : الاتجار بالأطفال بين الواقع والإنكار ، ورقة عمل مقدمة لمنتدى الدوحة لمكافحة الاتجار بالبشر (الواقع والطموح (رؤية مستقبلية) ٢٢ ـ ٢٣ مارس ٢٠١٠ ) .
5 ـ سوزي عدلي ناشد ( 2003 ) : الاتجار فـي البشر بين الاقتصاد الخفي والاقتصاد الرسمي ، مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية ، العدد الثاني ، كلية الحقوق ،جامعة الإسكندرية ، دار الجامعة الجديدة .
6 ـ عشاري محمود خليل : الأطفال في وضعيات الاتجار:التعريف والمعايير الدولية والأطر البرنامجية ، ورقة عمل مقدمة في الحلقة العلمية لمكافحة الاتجار بالأطفال ، 18 ـ 22 ابريل 2006 ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض .
7 ـ محمد مطر ( 2005 ) : بروتوكول الأمم المتحدة بشأن منع والقضاء على ومعاقبة الاتجار بالأشخاص ـ وبشكل خاص النساء والأطفال ـ تأملات بعد خمس سنوات ، كلمة أُلقيت أمام المؤتمر السنوي لمركز كونكورد حول الأشخاص المُعدين للاستعمال لمرة واحدة : الاتجار بالأشخاص ( 22 ديسمبر) متاح على :
http://www.protectionproject.org/speeches/deco5.pdf
8 ـ هشام عبد العزيز مبارك ( 2009 ) : ماهية الاتجار بالبشر ، متاح على : www.policemc.gov.bh/reports/2009/.../13-12.../633963178082803109.pdf
المراجع الأجنبية : ـ
1. Ahmed Maged , 2008, Human trafficking: the case of Egypt
a. http://www.thedailynewsegypt.com/article.aspx?ArticleID=15456متاح على:
2. Bruch, Elizabeth M, 2004, Models Wanted: The Search for an Efffective Response to Human Trafficking;متاح على : http://heinonline.org/HOL/LandingPage?collection=journals&handle=h
ein.journals/stanit40&div=7&id=&page=
3. Human Trafficking & Modern-day Slavery
a. http://gvnet.com/humantrafficking/UnitedArabEmirates.htmمتاح على :
4. Sue Nelson, Team Leader Jeannine Guthrie, 2004,Literature Review and Analysis Related to Human Trafficking in Post-Conflict Situations June, , Consultant Pamela Sumner Coffey, Democracy & Governance Specialist, DAI
5. What is human trafficking? http://www.ungift.org/ungift/en/humantrafficking/index.htmlمتاح على :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق