الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

علاقة نظرية الذكاءات المتعددة بتعليم الرياضيات

:
ثمة أدلة مؤكدة على فاعلية نظرية الذكاء المتعدد بالنسبة للتربية ومستقبلها ، فعلى سبيل المثال يؤكد (Brualdi) أن نظرية الذكاءات المتعددة سوف تحول نسق التربية التقليدي من نظام غير ذي بال إلى نظام تعليمي ذو شأن عظيم ؛ وذلك بجعل حجرة الدراسة مكان نموذجي لتعلم التلاميذ وتنمية مهاراتهم ومواهبهم , 1996) Brualdi, A. C. ) ، في حين أشارت كل من (Willis , J. & Johnson, A.) ، و( ليانا جابر ) أن هذه النظرية تسمح للمعلم أن يستعمل ثماني طرق مختلفة في تعليم وتعلم الرياضيات ، وأن منحى التعليم المتعدد يؤدي إلى :
ـ فهم أعمق وأثرى للمبادئ والمفاهيم الرياضية المتعددة .
ـ تأهيل الطلاب لتعلم الرياضيات بنجاح وباستمتاع .
ـ السماح بنقاط مدخلية متنوعة للمحتوى الرياضي .
ـ التركيز على مواطن القوة لدى الطالب وتعزيز التنوع في القدرات .
ـ تدعيم التجريب الإبداعي للأفكار الرياضية .
ـ محاولة التناسب مع أساليب تعلم التلاميذ المختلفة .
ـ جعل التعليم / التعلم أكثر متعة وجاذبية للمعلم والطالب .
ـ الإسهام في التحول من التدريس الذي يركز على الحفظ أو استظهار المعلومات إلى الفهم والتطبيق ، وتعلم مهارات التفكير والتعلم الذاتي .
ـ الإسهام في التحول من الأسلوب الإلقائي إلى أساليب تدريسية أخرى تراعي الفروق الفردية بين الطلاب . ( ليانا جابر ، 2000 ) ؛ (Willis , J. & Johnson, A. 2001)
وقد أشار ( أحمد أوزي ، 2002 ؛ 77 ) إلى أهم الجوانب التطويرية لهذه النظرية في مجال الممارسة التعليمية / التعلمية ـ بشكل عام ـ في التالي :
ـ تساعد على تحسين المردودية التعليمية / التعلمية.
ـ تساعد على رفع أداء المدرسين.
ـ تراعي طبيعة كل المتعلمين في الفصل الدراسي.
ـ تنطلق من اهتمامات المتعلمين وتراعي ميولهم وقدراتهم.
ـ تساعد على تنمية قدرات المتعلمين وتطويرها.
ـ تنصف كل المتعلمين وتعتبر أن لكل واحد منهم قدرات معينة.
وهذه الميزات التي تتميز بها نظرية الذكاءات المتعددة جعلتها تحدث ثورة في مجال الممارسة التربوية والتعليمية في أمريكا، عقب سنوات قليلة من ظهورها ، لما أحدثته من تجديد وتغيير ساعد على استثمار إمكانات المتعلمين وتنميتها وتفعيل العمل التربوي ، ويُعزى ذلك لأن فكرة الذكاء المتعدد عبارة عن نظرية وليست فقط أسلوبا تربويا محددا ، وباستطاعتنا تطبيق هذه النظرية ـ داخل حجرة الدراسة ـ بصورة مرنة وأساليب متنوعة تصلح لجميع الطلاب ، وتناسب أغلب المعلمين ، ويمكن توظيفها بنجاح من خلال سياقات تعليمية تلائم معظم المواد الدراسية ، وثمة مداخل متعددة يمكن من خلالها الاهتمام بكل ذكاء وتنميته ، وبينما يتم التركيز في التعليم التقليدي على الحلول والإجابات للمسائل والمواقف التي يتعرض لها الطالب ـ فضلا عن الطريقة المتبعة في التوصل لكل الحلول أو الإجابات ـ نجد أن نظرية الذكاءات المتعددة تقترح عمليات وطرق واستراتيجيات مستقلة عن بعضها البعض يمتلكها كل طالب ، فمعظم المسائل الشائكة ومواقف الحياة العملية الحقيقية تتطلب استخدام أنواع متعددة من الذكاء في نفس الوقت ، ومن هنا يكمن دور وواجب المعلم في ملاحظة قدرات تلاميذه وأساليبهم في التعلم حتى يكون قادرا على تغيير وتحسين طرائق التدريس الخاصة به ، وهنا يصح القول: إذا كان الطالب لا يتعلم بطريقة المدرس! فمن ثم يجب على المعلم أن يعلم تلاميذه بالطريقة التي يرغبونها ، والتي تلائم ذكاءاتهم المتعددة ، ولكن كيف يتأتى ذلك للمعلم ؟ يتأتى له ذلك بالملاحظة الدقيقة لطلابه خلال الدرس ، مع التركيز على الاستراتيجيات والطرق التي يوظفها الطلاب عند قيامهم بحل مسألة أو مواجهة موقف ما ـ ولا يكون ذلك من خلال إعدادهم لاجتياز إحدى الاختبارات مثلا ـ بمعنى آخر ؛ يجب على المعلم أن يركز على استراتيجيات الحلول حتى يتقنها الطلاب ويتوصلوا للإجابة من خلالها ، ولا يجب التركيز على مجموعة من المهارات الجامدة أو على الإجابة نفسها ، وبهذا المعنى فإن نظرية الذكاء المتعدد تتماشى مع كثير من محاولات التعليم الإصلاحية الحديثة التي تأخذ في الاعتبار أن الطفل وحدة متكاملة يجب الاهتمام به وتنمية معظم مهاراته المختلفة .
هذا ؛ ويخطئ البعض في فهم العلاقة بين أنماط التعلم والذكاء المتعدد ، ويمكن التفكير بنمط التعلم على أنه " طريقة الفرد التي يتبعها للتعامل مع محتوى المواد الدراسية المختلفة " ، فمثلاً إذا كان نمط المتعلم حسياً، فإنه سيتعلم المواد الجديدة أفضل باستخدام اليدين أو باللمس سواء كان ذلك لمادة التاريخ أو الرياضيات أو أي مادة أخرى ، وبالمقابل فإن الذكاء المتعدد يمثل بعض القدرات المرتبطة بالوظائف العصبية التي تستجيب لمحتوى معين ، فنحن لا نستطيع أن نفترض أن الشخص الذي لديه ذكاء موسيقى مرتفع ، سيتصرف بالشكل نفسه في مجال اللغويات أو المعلومات الفراغية ، بالإضافة إلى ذلك فإن الذكاء المتعدد يرتبط بالغاية لأهداف وأدوار معينة في المجتمع ، فإذا كنا نريد أن نحصل على فنان محترف أو رياضي أو خطيب مفوه ، فإننا يجب أن نهتم بأنواع معينة في الذكاء ، في حين أن أنماط التعلم لا تلعب دوراً في هذا المجال ، فالشخص إما أن يكون سمعياً أو حسياً على سيبل المثال .
&Williams ,1998 ) ( Sternberg
من هنا ؛ فإن نظرية الذكاء المتعدد لا تشير إلى طريقة تعليمية بعينها بل يستطيع المدرس أن يبتكر طرقا كثيرة تناسب الموقف وتناسب المسألة وتناسب كل طالب على حِدَة ، حسب معطيات أنواع الذكاء التي يتمتع بها الطالب ؛ وهكذا فإن المدرس هو المنوط بتوظيف تلك النظرية في حجرة الدراسة ، فهذه النظرية تزود المعلمين والآباء كذلك بإطار معرفي عملي يتم من خلاله تفصيل التعليم على مقاس الطالب ـ إن صح التعبير ـ فعلى المدرس أن يدرك في صف قوامه أربعون طالبا ـ مثلا ـ أنه لا يوجد اثنان متشابهان ؛ من هنا فإن نظرية الذكاءات المتعددة تستوعب كل هذه الاختلافات والفروق الفردية ، وتشجع المعلم على تنمية كل طريقة واستراتيجية خاصة بكل طالب على حدة ، لأن الطلاب وحدهم هم الأجدر والأقدر على توضيح وتفسير الطرق والاستراتيجيات التي يفضلونها في التعلم ، وبالتالي يصبح دور المعلم هو التعليم باستخدام تلك الطرق والاستراتيجيات التي يفضلها الطلاب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق